الثلاثاء، 28 مايو 2013

خطأ


كان قدومه لهذا العالم "خطأ" و "سوء تقدير"، لم يكن مرغوبا فيه، بل كان مجرد عار أسود وجه أمه. أبوه اختفى يوم علم بحملها.. هو لم يكن يقدر على إعالة فم، فكيف ثلاثة؟
ليلة ولادته حاولوا كتم صوته إلى الأبد، لكن القدر أراد له نهاية أخرى.
وجد مرميا في سلة مهملات، ما زال مغلفا بالدم... ما أبرد تلك الليلة. أنقذوه من وحشة الموت، أو هكذا ضنوا.
لم يكن في البداية يدرك ما يحدث حوله، لم يكن يفهم نظرات الازدراء التي تتبعه. لم يكن يعي سبب مناداته ب"ولد الحرام".. فمن أين له أن يعرف معنى كلمة ابن؟ أو معنى لفظ حرام؟
كبر قليلا، بدأ يدرك كثيرا.. لكن ما لم يستطع فهمه هو ماذا فعل ليُترك مرميا؟ لم يفهم بأي حق يحملونه مسؤولية ذنب لم يقترفه؟ و بماذا أخطأ ليُحرم من والديه؟
كره الحنان و الحب و الفرح. حقد على المجتمع الذي نبذه. مجتمع يداري أمراضه بمساحيق، و يرفض سماع التشخيص. يحارب تعفناته بالنكران، و يصب غضبه على أضعف الأفراد فيه.
أراد أن يهرب من ماضيه بأي ثمن، فهو ما زال في السادسة عشر من عمره و ما زال المستقبل أمامه، و الطريقة الوحيدة هي المغامرة بركوب قوارب الموت.
لم يكن يملك بطبيعة الحال مالا، لكنه فكر في سرقة أحد البيوت، نفذ فكرته و حصل على المبلغ الذي يحتاج.
ليلتها لم ينم من فرط حماسه، أو ربما كان السبب هو البرد...
تحرك بحذر لألا يراه خفر السواحل، حتى وصل إلى نقطة الانطلاق، لم يأخذ معه شيئا سوى قطعة خبز و برتقالة، ليداري بهما الجوع. كانت ليلة عاصفة، لكن أمل الوصول إلى الضفة الأخرى _ الجنة _ كان أكبر من أي خوف.
لم يعلموا أن الأمل وحده غير كاف أمام أمواج البحر الغاضبة، ثلاثون شابا فُقدوا في عمق البحر. شيعتهم الأسماك... في بطونها
خلاصة :

هي حكاية شاب لم يجد فراشا يولد عليه، أو حضنا يدفئه، بيتا يأويه، مجتمعا يحتويه، و لا حتى قبرا يرثيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق