الثلاثاء، 28 مايو 2013

الجن و ابن السلطان


كان يا مكان، في سالف العصر و الزمان، ابن سلطان همام، محبوب من الإنس و الجان. السلطان و ابنه المقدام زارا كل البلدان، ينتظرهما في كل بلاد قصور و جنان. الأمير الصغير يلبس ما غلا من حرير، يهابه في بلاده كل كبير، هو للجمال و الخير سفير.
هذا ما بدا للعيان، أما ما خفي فيزعزع الكيان.
في حي فقير من قرى البلد، عاش جن متشرد، من قمقمه أخرجته أزمة الإسكان. أبوه من قهر البطالة سكران. لم يكن الجن ليُهم أعوان السلطان، لو لم تدوي صرخته في كل مكان:  » حلمي هو أن أعيش كإنسان، و أن أعود لقمقمي، و أن أتمتع بالأمان، أن أرى أولادي يعيشون بلا أحزان، و أن يعيش لنا هذا السلطان «
قوبل طلبه بالاستنكار: أيريد جن أن يتساوى مع البشر؟ ويتحدى القدر؟ إن هذا لحقا منكر.. فهل تعارض مشيئة من شاء و قدر؟ لا هذا ليس كلامك بل فعل المخدر !!
قال هل القدر من رمى والدي إلى دفة الشقاء؟ و هل عدل أن أقاتل من أجل البقاء؟ و هل أعيش أنا في ذل و غيري في رخاء؟ ما الفرق بيني و بين من ولد بين الأمراء؟ أحلم يوما أن آكل قوتا بدون هذا العناء !
انتفضوا لكلامه الجريء، قالوا عنه عميل لبلاد الأعداء، أكفرت بنعمة مولاك سلطان الفقراء؟ إن لم تستحي فسنشكوك للقضاء.
خاف الجن من كلام العقلاء، و قرر أن يعيش محنته في هدوء، إلى أن وصته أنباء، عن قرب قدوم موكب السلطان و الأمراء. فكر الجن الصغير و قدر، و بعد صراع طويل قرر، سيعترض موكب السلطان، ليشكو له همه فربما قلبه حن.
خطط الجن و حار، أفي رسالة أشتكي له ظلم الأقدار؟ أم أطلب رؤيته ليرى في عيني كل ما صار؟
و يوم قدوم الموكب الجليل، رمى الجني الرسالة، التقطها في غفلة ابن السلطان، و في لحظة من الزمان، كان الجني الصغير محمولا بالأقطان، و صرخ في وجهه السجان: أتخاطب أسيادك أيها الحقير؟ و هل أنت في مقام أميرنا الصغير؟ أتطمع في العيش الكريم و أنت مجرد عبد؟ أم أنك تحاول نشر الفتنة في البلد؟
و من هذا اليوم لم يرى للجن أثر. و عاش السلطان و ابنه في سعادة و هناء..
و في الختام، هذه ليست قصة تحكى قبل النوم، بل هي واقع نعيشه كل يوم، و في كل مدينة يوجد ألف جن.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق