الثلاثاء، 28 مايو 2013

ابن الواقع الضال (قصة قصيرة)

أحب العالم لينتقم مِن الذين كرهوه، كره من أحَبهُ لينتقم من العالم.
ما يسيطر عليه هو حبه للانتقام، بالخصوص من نفسه، لم يترك أي طريقة للأذى إلى و جربها عليه.
هو في نظره لا يستحق أن يعيش، لكنه كان أجبن من أن ينتحر.
لا هدف له، لم يضيع وقته على هدف لن يحققه؟ أو على آخر لن يعيش ليرى نتائجه؟
يتمنى في أصدق أحلامه أن يصيبه مرض خبيث، فوحده سيجنبه الحياة و الموت المفاجئ، وحده سيعفيه أن يتصرف ليضع حدا لها.
أكان مصابا بالاكتئاب؟ كلا، لم يعد، بل لم ير قط، جدوى من حياته.
ولادته كانت في نهاية يوم ممطر و متعب لوالديه، كان سابع بائس أضيف إلى بيتهم (بيت؟؟) المتكون من غرفتين و حمام. لم يدرس قط، لا يعرف حتى قراءة اسمه، أو كتابة رسالة لحبيبته.
يعمل 12 ساعة في اليوم، ليحصل على ما يبقيه حيا (يا للمفارقة). بضع دريهمات يشتري بها ما يلتهمه ليلا، و قد أصبحت وجبة واحدة في اليوم تكفيه. و لينتظر صاحب البيت الشهر الموالي.
يتجول ليلا ليوهم نفسه أنه يختلي بها، فهي لم تخلو إلا له.
صاحب البيت لم ينتظر هذا الشهر، الشارع أصبح بيته. يفترش أي رصيف ليلا لينام، هذا إن لم يقض ليلته في زنزانة إبان ليالي تنقية الشوارع من الكلاب الضالة و من المتشردين.
المرض لم يأت بعد، و لا الموت.
قلص وجباته إلى واحدة كل يومين، إلا إذا وجد غنيمة ما في حاويات القمامة.
الموت لا زال بعيدا، و هو أضعف من أن يذهب إليه.
لم يعد وحيدا، يقاسم لياليه مع كلب "ضال" (وحده الإنسان ضال). يفهمان بعضهما، فهما رفيقا الشقاء.
وجد اليوم مبلغا ملقى في أحد الشوارع الفارغة، فليعش اليوم، فليأكل ما اشتهى، لم ينس صديقه طبعا.
الموت أصبح قريبا، الموت هنا، اختنق بعظم دجاجة، مات من الأكل، يا للمفارقة !!!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق